کد مطلب:110175 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:171

حکمت 139











ومن كلام له علیه السلام

لكُمَیْل بن زیاد النخعی:

قال كُمَیْل بن زیاد: أخذ بیدی أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام، فأخرجنی إلی الجبّان فلمّا أصحر تنفّس الصّعَدَاء ثمّ قال: یَا كُمَیْل بْن زِیَادٍ، إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِیَةٌ فَخَیْرُهَا أَوْعَاهَا فَاحْفَظْ عَنِّی مَا أَقُولُ لَكَ: النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِیٌّ وَمُتَعَلِّمٌ عَلَی سَبِیلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ یَمِیلُونَ مَعَ كُلِّ رِیحٍ، لَمْ یَسْتَضِیئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ یَلْجَؤُوا إِلَی رُكْنٍ وَثِیقٍ. یَا كُمَیْلُ، الْعِلْمُ خَیْرٌ مِنَ الْمَالِ, الْعِلْمُ یَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ المَالَ. وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ یَزْكُو عَلَی الْإِنْفَاقِ، وَصَنِیعُ الْمَالِ یَزُولُ بِزَوَالِهِ. یَا كُمَیْل بْن زِیَادٍ، مَعْرِفَةُ الَعِلْمِ دِینٌ یُدَانُ بِهِ، بِهِ یَكْسِبُ الْإِنْسَانُ الطَّاعَةَ فِی حَیَاتِهِ، وَجَمِیلَ الأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ، وَالْمَالُ مَحْكُوم ٌعَلَیْهِ. یَا كُمَیْل بْن زِیادٍ، هَلَكَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْیَاءٌ، وَالْعَُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِیَ الدَّهْرُ: أَعْیَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، أَمْثَالُهُمْ فِی الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. هَا إِنَّ ها هُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وَأَشَارَ بِیَدِهِ إِلی صَدره) لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً ! بَلَی أَصَبْتُ لَقِناً غَیْرَ مَأْمُونٍ عَلَیْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّینِ لِلدُّنْیَا، وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمَ اللهِ عَلَی عِبادِهِ، وَبِحُجَجِهِ عَلَی أَوْلِیَائِهِ، أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لاَ بَصِیرَةَ لَهُ فِی أَحْنَائِهِ یَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِی قَلْبِهِ لِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ. أَلاَ لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ! أَوْ مَنْهُوماً بِالَّلذَّةِ، سَلِسَ الْقِیَادِ للشَّهْوَةِ، أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالْإِدِّخَارِ لَیْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّینِ فِی شَیْءٍ، أَقْرَبُ شَیْءٍ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنَعَامُ السَّائِمَةُ ! كَذلِكَ یَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِیهِ. اللَّهُمَّ بَلَی! لاَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَ إَمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَیِّنَاتُهُ. وَكَمْ ذَا وَأَیْنَ أُولئِكَ؟ أُولئِكَ ـ وَاللَّهِ ـ الْأَقَلُّونَ عَدَداً، وَالْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللّهِ قَدْراً، یَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَیِّنَاتِهِ، حَتَّی یُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَیَزْرَعُوهَا فِی قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَی حَقِیقَةِ الْبَصِیرَةِ، وَبَاشَرُ

وا رُوحَ الْیَقِینِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْیَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَی، أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِی أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَی دِینِهِ، آهِ آهِ شَوْقاً إِلَی رُؤْیَتِهِمْ! انْصَرِفْ إذَا شِئْتَ.